الحب الصادق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

لتعش في الدنيا ولك هدف..بدايته النجاح... ونهايته الجنة


    ابن الملك

    الوردة البيضاء
    الوردة البيضاء
    المشرفون


    المساهمات : 174
    تاريخ التسجيل : 10/02/2013

    ابن الملك Empty ابن الملك

    مُساهمة  الوردة البيضاء الخميس فبراير 28, 2013 5:07 pm

    قصة ابن الملك

    ابن الملك كان رجل من ملوك بني إسرائيل ، قد أعطي طول
    عمر و كثرة أموال و كثرة أولاد ، وكان أولاده إذا كبر أحدهم لبس ثياب
    الشعر ، و لحق بالجبال ، و أكل من الشجر ، و ساح في الأرض حتى يأتيه الموت
    .. ففعل ذلك جماعتين .. رجل بعد رجل ثم تتابع بنوه على ذلك .

    وأصاب
    ولداً بعد كبر ، فدعا قومه ، فقال : إني قد أصبت ولداً بعدما كبرت ، وترون
    شفقتي عليكم ، و إني أخاف أن يتبع هذا سنة إخوته . و أنا أخاف عليكم إن لم
    يكن عليكم أحد من ولدي بعدي أن تهلكوا ، فخذوه الآن في صغر سنه ، فحببوا
    إليه الدنيا ، فعسى أن يبقى من بعدي عليكم.

    فبنوا له حائطاً ..
    فرسخاً في فرسخ ، فكان فيه دهراً من دهره ، ثم ركب يوماً فإذا عليه حائط
    مصمت ، فقال : إني أحسب إن خلف هذا الحائط ناساً و عالماً آخر ، فأخرجوني
    أزدد علماً و ألقى الناس فقيل ذلك لأبيه ، ففزع و خشي أن يتبع سنة إخوته ،
    فقال : اجمعوا عليه كل لهو و لعب ، ففعلوا ذلك ..

    ثم ركب في السنة
    الثانية ، فقال : لا بد من الخروج ، فأخبر بذلك الشيخ ، فقال : أخرجوه ،
    فجعل على عجلة وكلل بالزبرجد و الذهب و صار حوله حافتان من الناس ، فبينما
    هو يسير إذا هو برجل مبتلى فقال : ما هذا ؟

    قالوا : رجل مبتلى .

    فقال : أيصيب ناساً دون ناس أو كل خائف له ؟

    قالوا : كل خائف له.

    قال : و أنا فيما أنا فيه من السلطان ؟

    قالوا : نعم.

    قال : أف لعيشكم هذا ! هذا عيش كدر !!

    فرجع مغموماً محزوناً ، فقيل لأبيه ما كان من شأنه ..

    قال
    الأب : انشروا عليه كل لهو وباطل حتى تنزعوا من قلبه هذا الحزن و الغم.
    فلبث حولا، ثم قال : أخرجوني ، فأخرج على مثل حاله الأول . فبينما هو يسير
    إذا هو برجل قد هرم ، و لعابه يسيل من فيه .

    قال : ما هذا؟

    قالوا : رجل مات .

    قل لهم : وما الموت؟ إيتوني به ! فأتوه به.

    فقال : أجلسوه.

    فقالوا : إنه لا يجلس .

    قال : كلموه .

    قالوا : إنه لا يتكلم .

    قال : فأين تذهبون به ؟

    قالوا : ندفنه تحت الثرى .

    قال : فيكون ماذا بعد هذا ؟

    قالوا : الحشر .

    قال لهم : و ما الحشر؟

    قالوا : " يوم يقف الناس يحاسبون أمام رب العالمين " ، فيجزى كل واحد على قدر حسناته و سيئاته .

    قال : و لكم دار غير هذه تجا زون فيها ؟

    قالوا : نعم .

    فرمى
    بنفسه من الفرس و جعل يعفر وجهه في التراب ، و قال لهم : من هذا كنت أخشى !
    كاد هذا يأتي علي و أنا لا أعلم به ، أما و رب يعطي و يحشر و يجازي ! إن
    هذا آخر العهد بيني و بينكم ، فلا سبيل لكم علي بعد هذا اليوم فقالوا : لا
    ندعك حتى نردك إلى أبيك.

    قال : فردوه إلى أبيه ، و كاد ينزف دمه .

    فقال : يا بني ! ما هذا الجزع ؟

    قال : جزعي ليوم يعطى فيه الصغير والكبير مجازاتهما ما عملا من الخير والشر.

    فدعا
    بثياب فلبسها ، و قال : إني عازم في الليل أن أخرج .. فلما كان في نصف
    الليل ، أو قريباً منه ، خرج .. فلما خرج من باب القصر قال : اللهم إني
    أسألك أمراً ليس لي منه قليل و لا كثير ، قد سبقت فيه المقادير . إلهي !
    لوددت أن الماء كان في الماء ، و أن الطين كان في الطين ، و لم أنظر بعيني
    إلى الدنيا نظرة واحدة !!

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 2:57 pm